الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية بجرأة المفكّر والفيلسوف: يوسف الصديق يتحدّث عن الغنوشي وداعش، ويدعو إلى الكفّ من بناء المساجد لهذا السبب

نشر في  19 أكتوبر 2016  (11:55)

أدلى مؤخرا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بتصريح خطير مثّل صدمة بحدّ ذاتها لجميع متتبعيه من التونسيين الغيورين عن الإسلام الزيتوني السمح الذي يرفض الإرهاب والترهيب خلال حوار أدلى به لصحيفة القدس العربي «أن الإسلام الآن في حالة غضب والغاضب أحياناً يخرج عن طوره، ويعبّر تعبيرات غير معقولة حتى تخاله مجنونا..

ما حصل وما تعرض له السنة في العراق والسنة في سوريا يخل العقل».. وعندما يفهم الناس انه ليس بالإمكان تشييع سوريا والعراق.. عندما تفهم إيران هذا ويفهم الآخرون عندئذ المجانين لن يبقى لهم مكان».

وأضاف قائلا في تصريح مشابه أدلى به لاذاعة موزاييك على هامش أشغال اجتماع مجلس شورى حركة النهضة انه لا يمكن تكفير''الدواعش''، إذ «لا يمكن أن نكفّر أحدا يقول لا اله الاّ الله»، واصفا تنظيم داعش الإرهابي -غير باحث لهم عن مبرر- بأنّهم صور من صور الإسلام الغاضب الذي يخرج عن العقل والحكمة ونحن أهل السنة لا نكفر أحدا يقول لا اله الاّ الله بل نقول له أنت ظالم.. مخطئ ..متطرّف.. متشدّد»..

هذا التصريح أثار جدلا واسعا وردود فعل كبيرة ومستنكرة لما جاء فيه معتبرين أنّه لا يجوز بأي حال من الأحوال اعتبار عناصر هذا «التنظيم الوحشي» مسلمين غاضبين والحال أنهم لا يمثلون الإسلام في شيء فهو منهم براء فعن أيّ إسلام غاضب يتحدّث راشد الغنوشي؟ وهؤلاء الوحوش ضربوا عرض الحائط بكل القيم البشرية والمبادئ الإنسانية والحضارية التي جاء من أجلها هذا الدين الذي حرّم قتل المسلمين ودعا إلى الرحمة والتسامح والإخاء..

ونتيجة لهذا التصريح الصادم وبعيدا عن منطق التشييع الإيراني الذي تحدّث عنه الغنوشي، ارتأت أخبار الجمهورية الاتصال بيوسف الصديق المفكّر والفيلسوف والمختص في أنتروبولوجيا النص المقدس فكان التالي..

في البداية أعرب لنا يوسف الصديق المفكّر والفيلسوف والمختص في أنتروبولوجيا النص المقدس عن استنكاره واستغرابه لما جاء في تصريح راشد الغنوشي المذكور قائلا إنّه مثّل بالنسبة اليه «أكبر تصريح صادم منذ بداية انطلاق الثورة وهو أشدّ وطئة من تصريحات «هؤلاء أبناؤنا ويبشرون بثقافة جديدة» على حدّ تعبيره..

وتساءل الصديق في ذات الإطار معلّقا على تصريح الغنوشي الذي اعتبره غير صائب بتاتا، وتساءل «أي دين وأي ايدولوجيا حتّى وان كانت وثنية تسمح وتقبل بالقول بأنّ إيديولوجيا غاضبة وفكرا دينيا غاضبا يمكن له أن يحرق إنسانا حيا ويقتل ويغتصب وينتهك؟.. ».

لا فرق بين الغنوشي وأبو عياض والبغدادي 

وفي سياق آخر ذكر المفكّر يوسف الصديق أنّه خلال استضافة له في أحدذ البرامج الحوارية قال أنّه «لا فرق بين الغنوشي وزعيم أنصار الشريعة أبو عياض وبين زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي لا فرق بينهم  إلا بالمسافة الزمنية لكن المحتوى والهدف هو نفسه ألا وهو أسلمة الكرة الأرضية بالعنف..».

راشد الغنوشي لا يؤمن بالوطن..

وشدّد في معرض حديثه على انّه ما زال يصر على ما جاء في كتابه «الثورة المنقوصة» حين اعتبر في تحليله للايديولوجيا أن راشد الغنوشي إنسان لا يؤمن بالوطن أمثاله أمثال جميع الايديولوجيين..

وقال انه يعتقد بأنّ الإسلام الذي ينظّر إليه الغنوشي وجميع الايديولوجيين يهدف إلى أسلمة الكرة الأرضية بالعنف هذا الاسلام قد ولى وانتهى، داعيا إلى ضرورة نسيان الحديث النبوي «المكذوب» ـ على حدّ اعتباره ـ المنسوب إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وفيه « أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى» ..

وقال في متابعته للتعليق عن هذا الحديث انه يستبعد وينزّه أن يكون رسول الله قد أدلى حقا به، لكنه اعتبر في المقابل «انه إن جاز فعلا قوله من قبل الرسول فهو لأنه جاء خلال فترة تاريخية معينة قد ولّت وانقضت يوم حارب فيها عن حرية التعبير وحريّة إيمانه باله واحد أحد..».

لا فرق بين القرضاوي والطنطاوي وبين من يعبد تمساحا أو شجرة 

وأكّد الفيلسوف يوسف الصديق في حديثه لأخبار الجمهورية انّه من الضروري أن يعلم الغنوشي بأنه «لا فرق  بينه وبين المشرك الإفريقي أو الاسترالي أو الهندي الأحمر الأمريكي ولا حقّ له على التعليق على إيمان أي شخص كان أو يقول هذا مشرك و هذا غير مشرك أو هذا ليس أخا له في الإنسانية»،  مضيفا «يجب على الغنوشي كذلك أن يؤمن بعدم وجود أيّ فرق بين الذي يعبد تمساحا أو شجرة أو حجرا وبين القرضاوي وجاد الحق والطنطاوي»..

وتابع في ذات مداخلته قائلا «إن لم يصل الغنوشي لدرجة الإيمان بهذه العقلية والتصريح بهذا الكلام المذكور عن صدق وعن قناعة خاصة وهو رئيس حزب فإنّه سيعتبر بذلك إنسانا إيديولوجيا مهددا والسلم الاجتماعية والحضارية لهذه البلاد»..

عصر ضرب المشركين بالسيف قد ولّى وانقضى

واعتبر المفكّر انّ الوقت قد حان للقول بأنّ عصر ضرب المشركين بالسيف قد انتهى وان المواطنة هي الأساس.، متسائلا بالعودة الى تعليقه عن تصريح الغنوشي حول تنظيم داعش «عن أي إسلام يتحدّث راشد الغنوشي في توصيفه لذاك التنظيم الإرهابي؟ هل الإسلام الذي يقوم بسبي النساء يسمّى إسلاما؟ أم الإسلام الذي يغتصب وينتهك الحقوق البشرية والإنسانية ويقوم بالصلب والحرق والقتل والتعذيب والتنكيل يسمّى إسلاما؟».

وخلص بالقول انه يجب على الجهاز الأعلى للدولة والمستقل عن كل التجاذبات بأن يطالب الغنوشي وغيره من الايديولوجيين بمن فيهم حزب التحرير بالتصريح بعدم خلط مواقفهم السياسية بمواقفهم الايديولوجية وان تدخل تحت طائلة القانون إن تمت، وان يُتّجه إلى منع أي حركة أو حزب أو أي كيان سياسي من التواجد على الساحة العامة إن لم يتم التصريح القانوني بالفصل بين الدين والسياسة..

كما توجّه يوسف الصديق برسالة إلى راشد الغنوشي قال فيها إنّه يتحدّاه هو وقياديي حركته أن يدلوا بتصريح في يوم من الأيام يقولوا فيه للشعب التونسي انّ بلادنا تنقصها المدارس والمستوصفات والنقل.. 

كفانا بناء للمساجد !

وتساءل مستنكرا «كيف يمكن أن يتمّ بناء 4 مساجد على بعد 100 متر عن بعضها البعض بينما القرآن يقول « ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله بينما يفتقر أبناؤنا التلاميذ في عين دراهم إلى نقل يقلهم خلال البرد القارس إلى مدارسهم التي تبعد قرابة الـ5 أو الـ6 كيلومترات عن منازلهم..».

وتابع قوله «انه لا يمكن جني أي فائدة اقتصادية من الجامع حيث انّ فائدته الوحيدة  هي إقامة خمس صلوات فيه والكل يعلم انّنا نستطيع إقامتها في أيّ مكان وفق ما نصح به الله عز وجل»..
وفي ختام حديثه معنا وحول تطرّقه إلى مسألة بناء المساجد في تونس كشف الصديق انّ عدد المساجد التي بنيت منذ الاستقلال إلى يومنا هذا يضاهي عدد المساجد التي بنيت من الفتح إلى الاستقلال، داعيا إلى بناء المدارس والمستشفيات ودور الثقافة ويتم فيها إقامة الصلاة حتى تكون أكثر فائدة للناس والمجتمع خاصة وانّ الصلاة يمكن إقامتها في كل الأماكن والمناطق.. 

منارة تليجاني